(المشهد الثالث عشر)

نهار- داخلى (بير السلم)

(سمير) يعود إلى المنزل مهموماً . يضع دفاتر المحاضرات بجانبه ,ويجلس على أول درجات السلم..ظل جالسا القرفصاء صامتاً مغطياً رأسه بيديه لفترة طويلة. إلى أن سمع وقع خطوات يحفظها جيداً , فانتفض فجأة ,ونادي بصوت خافت في انفعال:
-سحر..؟!
تقدمت إليه (سحر) باشة:
-سمير..!!أنت أيه إللى مقعدك هنا..!!ومالك مطول دقنك وشكلك مبهدل كده ليه..؟!
نظر لها (سمير) بضيق وقال ساخراً :
-أهلاً بالعروسة..!! مش كنتى تقولى لينا علشان نفرشلك الأرض رمل ونولعلك الشمع..؟!
(سحر) ضاحكة:
-والله فيك الخير برضو..!!
فاستشاط (سمير) غضبا وصرخ فيها قائلاً:
-أنت بتضحكى..؟! مش الزغاريت دى كانت عندكم في البيت..؟!
أجابتة في خبث:
-أيوه طبعاً..أمال..!!
جن جنونه وهتف جزعاً:
-يعنى الموضوع بحق وحقيق..؟!
أجابته في غموض :
-ياسلام عليك يا أخى..!! ده وقت هزار..؟! أنا راجعه تعبانه من بره ومفياش دماغ للكلام..!!
وهمت بالانصراف ,فأمسك بيدها ,وجذبها بعنف قائلاً :
-أنا مبهزرش..!! وأرجوكى تجاوبينى على سؤالى بصراحة من غير لف ولا دوران..!!
نظرت إليه (سحر) متعجبة وقالت:
-يعنى عاوزنى أقولك أيه..؟!
قال في حزم :
- فهمينى كل حاجه..!! أيه إللى حصل عندكم امبارح..؟!
قالت في لا مبالاة:
- يا سيدى فيه واحد جه واتقدملى..!! لكن الموضوع ماتمش فيه حاجه..وأنا قلت لماما أنا مش هأتجوز إلا لما أخلص دراستى..وكمان بابا مش موافق على العريس..!!
فسألها بلهفة مستفسراً :
-أمال الزغاريت دى كانت ليه..؟!
ضحكت (سحر) قائلة:
-دى أم العريس المنتظر ..حبت تعمل لها شويتين..!!
ضحك (سمير) -لأول مرة- وانفرجت اساريره قائلاً:
-طمنتينى يا شيخة..!! دا أنا ما نمتش طول الليل من القلق..وكنت قاعد أضرب أخماس في أسداس..!!
ضحكت (سحر) طويلاً و قالت:
-بس أنت كان هيبقى منظرك حلو قوى وأنت ماسك الشمع في الكوشه..؟!
لم يضحك (سمير), لكنه نظر إليها طويلاً. ثم اقترب منها ,وأمسك بيديها ,وقال فى همس:
-أنتى بتحبينى زى ما بحبك يا سحر..؟!
قالت في خجل وهى تخلص يديها من بين يديه:
-أيه لزوم الكلام ده دلوقتى..؟! أنا جعانه وعايزه اروح اتغدى..!!
قاطعها في غضب مفتعل :
ماتهربيش من الإجابة ..أيوه ولا لأ..؟!-
أجابته بنفاذ صبر :
-وتوعدنى تسيبنى أطلع أتغدى..!!
أجابها بإيماءة من رأسه:
-أوعدك..!!
أجابته على الفور وهى تصعد السلم في سرعة ضاحكة :
-طيب يا سيدى.. لأ..!! استريحت..؟!
تجهم (سمير) وظل واقفاً بمكانه ورنا إليها بنظره مهموما:
-يعنى بتقولى ..لأ..!!
تنبهت (سحر) إلى مايعترى في نفسه من شكوك ,وأنه أخذ كلامها محمل الجد. فهبطت السلم في سرعة قائلة:
-جرى أيه ..؟! أنت مالك يا سمير النهارده..!! أنا بهزر معاك أنت مش عارف لسه شعورى من نحيتك..؟! ولا أنت بتتلكك..!!
نظر لها (سمير) بتأثر قائلاً:
-توعدينى أنك ماتكونيش لحد غيرى..؟!
اطرقت في خجل صامتة وقالت -بعد فترة- بتردد:
-أوعدك..!!
اقترب منها أكثر.. فأكثر- وهى ساكنة ودقات قلبها متسارعة – ثم ضمها إلى صدره في شوق وقبلها بين عينيها .فجأة دخل ( مرسى أفندى) والد (سمير) من باب المنزل وقال ساخراً:
-الله الله ..!! والله عال..!! أنت بتعمل أيه عندك مع البنت دى ياواد يا سمير..؟! مش أنا قلتلك تبعد عنها..؟! دى عيله مشبوهه..!! آاااه ..زمانهم ضاحكين على عقلك علشان يدبسوك في بنتهم..؟! أنما دا بعدهم..!! أنا هأخلى فضيحتهم بجلاجل..!!
أسقط في يد (سمير) وقال لوالده في توسل:
-أرجوك يا بابا بلاش الكلام ده..أنا ماعدتش صغير..؟! وماتغلطش فيهم أكتر من كده..!! كفايه بقه..!! حرام عليك..!!أنا بحبها وعاوز أتجوزها..!!
نظر له والده شذراً..ثم صفعه على وجهه صفعة قوية قائلاً:
-أنت بترفع صوتك عليا يا ولد..!! و تتجوز أيه وأنت لسه بتاخد المصروف..؟! وتتجوز مين..؟! دى ..!! بنت عوضين..؟!
هرولت (سحر) مسرعة إلى داخل شقتها بينما وقف (سمير ) في مواجهة أبيه يضع يده على خده وقد أخرسته الصدمة..بينما لا زال أبوه يصرخ قائلاً:
-أنت لو عصيت أوامرى لا أنت أبنى ولا أعرفك..وأبقى خلى الخردواتى ينفعك ..!! وابقى ورينى هتجوز أزاى يا فالح..؟! ومين هيرضى بيك..؟!وأنت لسه تلميذ..!!
..تساقطت دموع القهر من عيني (سمير) وانطلق خارجاً من المنزل لا يلوى على شئ.

يتبع