الحـب فـي زمـن العــدم(المشهد الأول)

نهار- داخلى

..منزل قديم في أحد أحياء القاهرة الشعبية ,طفلين يناهز عمرهما العاشرة ,يجلسان على درجات السلم القديمة.الفتاة تحمل في يدها عروس تمشط شعرها,والولد يعبث بقطار محطم,يحاول أن يتمثل دور القطار, ويقلد صوته أثناء التحرك. الفتاة تضحك وتنظر إلى الفتى قائلة:
- أنت عاوز تكون سواق قطر لما تكبر يا سمير..؟!
ضحك (سمير) في براءة:
- لأ طبعاً..!! لكن بحب السفر..تحبى نسافر بيه فين ..؟!
قالت في دهشة:
-ده قطر لعبة..؟!
قاطعها في غضب:
-لأ القطر بتاعنا حقيقى مش لعبة اختارى أى بلد وأحنا نسافر ليها..؟!
أجابت مبتسمة:
-خلاص ياسيدى متزعلش ..!! يالا بينا نروح اسكندرية..؟!
ابتسم( سمير) في رضا:
-ماشى بس اقطعى تذكرة الأول وبعدين أركبى ورايا..!!
ويجريان خلف بعضهما و(سحر) ممسكة بقوة في ملابسه,يهبطان الدرج ,فجأة تصرخ قائلة:
-استنى..!!وقف القطر..أنا نسيت العروسه بتاعتى..؟!
تصعد الدرج في سرعة لتحضر العروسة ,يلتفت (سمير) قائلاً في غضب:
-ده كلام..؟!نبوظ الرحلة بتاعتنا..ونعطل الركاب علشان خاطر العروسة الوحشة دى..؟!
(سحر) في تذمر:
-ماتقولش وحشة..!! دى أنا..!! وأنا صغيرة..وبعدين دى شعرها أصفر.. وجميله جداَ..؟!
(سمير) ساخراً:
-مادام تشبهك..؟! تبقى.. برضه وحشة..!!
تهجم (سحر) على (سمير) وتضربه بكلتا يديها برفق في صدره قائلة:
-أهو أنت..!! أنا مخصماك وماعدتش مكلماك..؟!
قاطعها قائلاً:
-طب ياستى ماتزعليش ..أنا غلطان..دا أنت أحلى عروسة..!!
تطرق (سحر) برأسها في خجل ,ويجلسان سويا على الدرجة الأولى من السلم فسألها (سمير):
-و أنتى ياسحر عاوزه تشتغلى أيه لما تكبرى..؟!
أجابت على الفور في عفوية:
-أنا عاوزه أكون ممثلة..!!
ابتسم (سمير ) وقال ساخراً:
-هاها..!! ممثلة..؟! دا انتى بتحلمى..!!مين يرضا يشغل واحده وحشه زيك..؟!
أحمر وجهها وقالت دامعة:
-لكن ماما بتقول إن أنا حلوة..وأموره ..وست البنات..!!
ضحك( سمير) قائلاً:
-طبعاً..!! ما ماما بتقول دايماً ..القرد في عين أمه غزال..!!
ثم جرى مسرعاً إلى الشارع ,وهى تطارده في غضب,فاختبأ في بهو السلم .بينما اصطدمت بـ(مرسى أفندى) والد (سمير) فأسقطت كيس خضروات وبطيخة كان يحملهما وانفلقت البطيخة الى شظايا متناثرة. فصرخ (مرسى أفندى) بغضب:
-أنتى يابنت يا مقصوفة الرقبة..!! مش تفتحى..؟! جتكم البلاوى في شكلكم..!! أنتم أهلكم ما عرفوش يربوكم ..؟!
صعدت( سحر) السلم مهرولة وهى تبكي. فأنفتح باب شقتهم وخرجت أمها ,وقالت وهى تشيح بيديها غاضبة:
-أنت مش هتبطل طولة لسان يا سيدنا الأفندى..؟! كل مرة عامل لك ظيطه وهليله على الفاضى والمليان..!! ماتلم لسانك أحسن أفرج عليك إللى يسوى وإللى ما يسواش..!!
نظر لها (مرسى أفندى) بازدراء قائلاً:
-جرى أيه ياوليه..!!أنتى مالك اتفتحتى كده ليه زى وابور الطحين..؟!ياختى روحى لمى بناتك..بدل ماهما فاضحينا في كل مكان..!!
هتفت (أم سحر) :
-قطع لسانك ..قبل ما تنطق بأى كلمة على بنت من بناتى..!! لما يجى أبو انتصار هخليه يوريك مقامك..!!
ضحك (مرسى أفندى) مستهزئاً:
-أبو انتصار...!! طب ياختى شوفى سعاد بنتك فين دلوقتى..؟! أنا لسه شايفها واقفه مع الواد حسين الصايع ورا المدرسة..شوفى بقى بيهببوا أيه هناك..؟! ههأو يا أبو انتصار..!!
ثم يحمل حاجياته ويهرول صاعداً السلم ويفتح الباب ويغلقة في سرعة؛ قبل أن تقذفه بـ(مغرفة) كانت تحملها في يدها.

يتبع