قـالت سـارة:
انا اللى جبت ده كله لنفسي -
اقول هذه الكلمة لنفسي كل يوم وكل دقيقة من السيرك اللي عايشة فيه من ساعة ما حماتي المصونة شرفتنا بالانتقال الى الحياة معنا.. الله يسامحك ياماما.. انتي اللي اقترحتي الاقتراح الرائع ده
حياتي انقلبت بزاوية 180 درجة.. لم أكن اتخيل ان كل هذا سيحدث فى شهر واحد.. البنت بتتجوّز علشان يكون لها بيت مستقل تكون هي ملكته تفعل به ما تريد.. وقت ما تحب.. تطبخ ما تشاء.. تضرب عن الاعمال المنزلية وتؤجلها ليوم آخر وقت ما يحلو لها
افتقدت كل هذا دفعة واحدة.. أحسست اني ضيفة فى بيتي.. وياريت كمان ضيفة دي حتى الضيفة بتُخدَم وتكرّم.. اما انا تحولت الى أسيرة ومراقبة 24 ساعة من حماتي.. طول النهار تراقب تحركاتي.. وتنتقدتني فى كل حاجة
تراقب تطور حلة المحشي من اول مااغسل الأرز الى آخر محطة وكل لحظة تتحفني بعبارات من نوعية: واضح انك لسه بتتعلمي ياسارة.. لا لا لا ده مش محشي ده يخني.. عمر ما بيحبش المحشي الا من ايدي انا
ولا تفكر حتى ان تساعدني في اي شىء.. وانا لا أرد على أي كلمة وأحاول ان ابتسم حتى تصلبت شفايفي فى وضع ابتسامة مسلوقة لا معنى لها.. بس علشان ما أطقّش وأموت
*******
قـال عمـر:
ياسلاااااااااااااام.. ربنا يخليكي ليّ ياسارة ياحبيبتي
حلت لي كل مشاكلي مرة واحدة بقيت مطمّن على ماما كل ساعة.. وسارة كمان شايلاها جوة عينيها
انا كنت فاكر اني كل يوم ح الاقي خناقات لرب السما.. لكن الحمد لله الدنيا هادية وجميلة والاتنين زى السمنة على العسل
بصراحة مش أي واحدة تستحمل ماما.. انا عارف انها صعبة وبتحب تتدخل فى كل حاجة بس ح اعمل ايه يعني؟ ربنا يخليها لي يارب.. ويخليلي سارة وتفضل بعقلها الراسي كده على طول
*******
قـالت سـارة:
انا خلاااااااااص معدش فيّ ريحة العقل !!! قربت اتجنن وأسيب البيت
كل حاجة في الدنيا حماتي مدخّلة نفسها فيها.. حتى تربيتي ليحيى كل حاجة غلط فى غلط.. لو أكّلته جزر يبقى لااااااااا البطاطس أفيد كتير.. ولو اكل شيكولاتة يبقى سنانه ح تقع.. ولو حرمته منها يبقى انا أم مفترية
بجد مش عارفة اعمل ايه ولا أملك الا الطاعة لكل كلامها ولو جادلتها ندخل فى جدال يستمر لساعات فأسمع كلامها وانا أموت من الغيظ
والمشكلة الأكبر كمان هي فى وجود عمر.. بتستأثر بيه وكأنه زوجها هي.. تقعد تتكلم معاه بالساعات وتطلب مني أعملهم فنجانين قهوة علشان القعدة تحلو.. ولو بعد الشر قعدت اتكلم معاه على انفراد فى أي موضوع لازم تعرف بنتكلم في ايه والا تزعل وتتقمص والود ودها انها تنام معانا في نفس الاوضة
بجد انا تعبت خلاص ولازم الوضع يتغيّر.. لازم اطلب من عمر انها ترجع شقتها ونرجع نزورها زي الأول
بس ازاى اقدر أطلب منه كده؟
اكيد الدنيا ح تولع ويبقى شكلي اني بأطرد أمه.. لا لا ما ينفعش الحل ده.. انا عارفة الدين والأصول وكمان لو عمر عمل كده فى أمي أكيد ح أقتله
انا عارفة اني مهما عملت لا يمكن تحبني زي بنتها.. دي الطبيعة البشرية انا برضه مش ح احب زوجة يحيى ابني.. يعني بعد ما اتعب وأربي تاخده راجل على الجاهز؟ طيب يبقى انا أشيل فكرة انها تحبني من دماغي واحاول اتقبل الوضع وأحسنه وخلاص
دخل عمر عليّ وأنا غارقة فى التفكير وضاربة بوز.. وقال: ايه يا سارة بتفكري في ايه ده كله؟
رديت: ولاحاجة ياعمر بس تعبانة شوية
سألني: من ايه يا حبيبتي.. مش ماما بتساعدك فى تربية يحيى؟
ياخرااااااابي.. بتساعدني؟ -
طبعا قلتها فى سري.. ورديت عليه وانا مفروسة: طبعا طبعا ربنا يخليهالنا
فرد عليّ بحنان: والله انا حاسس بيكي ياحبيبتي وعارف ان ماما صعبة شوية.. بس اعمل ايه انا ابنها الراجل الوحيد.. أرميها يعني؟
سالت دموعي رغما عني وقلت له: ياعمر انا لا يمكن اقول كده وانا اللي طلبت منك انها تيجي هنا.. بس بجد انا حاسة اني بقيت ضيفة في البيت مش صاحبته.. بانفذ كل كلامها وبتنتقد كل حاجة باعملها فى البيت ومحسساني طول الوقت اني مش بافهم فى أي حاجة.. بجد تعبت.. اعمل ايه؟
أخذ وقتا طويلا قبل ان يرد وجاء صوته مليئا بالحيرة: بصي ياسارة.. انا عارف ان عندك حق.. بس حطّي نفسك مكانها.. دي ست فقدت عشرة عمرها كله ولقت نفسها وحيدة وكمان سابت بيتها فبتعتبرني انا رجلها الوحيد فى الدنيا ومتخيلة انك انتي اللي واخداني منها.. فنفسيا كده بتغير منك ومن حبي ليكي وبتحاول تحسسك انها أحسن منك فى كل حاجة.. معلش لازم نراعي تفكيرها ده.. حاولى تصاحبيها وتخليها تشيل فكرة الغيرة دى من دماغها
رديت بفراغ صبر: والله حاولت مفيش فايدة
رد بعصبية مفاجئة: بصى ياسارة انا مش ح اتكلم في الموضوع ده تاني.. انا لايمكن أغضبها أبدا علشان خاطرك.. ولو اخترت بين بيتى وبين رضاها ح اختارها هيّ.. واعرفي اني لو ما عملتش ده وأغضبتها علشانك.. ابنك يحيى ح يعمل فيكي كده و حيرميكي علشان مراته.. الديّان لايموت.. ومش ح اتكلم فى الموضوع ده تاني.. تصبحي على خير
......
*******
قـالت سـارة:
البحر من خلفي وحماتي من أمامي
عمر فجّر القنبلة في وشي وسابني اواجه المشكلة لوحدي.. يعنى كان ح يحصل ايه لو كلم والدته ووصّاها عليّ شوية؟ خلاص الدنيا ح تولع؟
طيب أعمل ايه يارب؟ انا بجد تعبانة ومش عارفة ارتاح ولا دقيقة لا من حماتي ولا من يحيى.. بيطلب كل دقيقة طلب لما خلاص جنّني.. باحس انه فاضي وبيتسلى.. فاضي وبيتسلى؟
فاضي....... ايه ده؟ معقووووووول؟
معقول يا سي يحيى انت اللي ح تحل لي الحدوتة العويصة دي؟ قمت من مكاني وأحضرت له مكعبات أحضرها له والدى وأبعدتها عنه حتى يكبر ويستطيع اللعب بها.. وأول ما رآها هجم عليها يبعثرها من مكانها وجلست معه أريه كيف يركبها.. وماهي الا دقائق حتى استغرق باللعب بها وان لم يستطع تركيبها ولكنه أخذ يلعب بها ويكتشفها والأهم انه بعد عني ولم يطلب أي طلبات أخرى
طيب ما هي حماتي نفس الحكاية بالظبط.. حياتها فارغة جدا وخاصة بعد موت والد عمر.. وأنا من أقوم بكل الأعمال المنزلية ولا أحاول أن أتعبها في شيء.. فلا يبقى لها الا أنا والتفرغ التام لانتقادي.. طيب ما انا لو رحت ضيفة عند أي أسرة وكنت لا أفعل أي شىء طوال 24 ساعة الطبيعي جدا اني سأتفرغ لمراقبتهم.. لبسوا ايه؟ عملوا ايه؟
خلاص يبقى الحل الوحيد انى أشغِلها طول اليوم.. خلاص ح أجيب لحماتي مكعبات
انا كمان من ناحيتي لازم أقلل احساسي انها غازية لبيتي واني خلاص مش عارفة ارتاح طول ما هي موجودة.. بصراحة في وجودها مريحاني من يحيى في أوقات كتير وخصوصا وانا باشتغل الصبح على الكومبيوتر.. وكمان فيه حاجة مهمة.. ان في وجودها عمر مش بيتخانق معايا خالص حتى لو لقى البيت بيتحرق.. ودى حاجة جمييييييلة جداااااا
انا ح أحاول أحسسها اني باحبها علشان هي كمان تحاول تحبني.. مش كفاية انها ادتني عمر حبيبي علشان استحملها؟ ومش بس استحملها.. لا.. أحاول احبها؟
*******
قـال عمـر:
بصراحة سارة عندها حق في شكوتها من ماما.. بس كان لازم أوقف الموضوع بحزم علشان مايكبرش ويتحول لخناقة.. وانا حاولت قبل ما هي تشتكي ومن غير ما تعرف اني ألفت نظر ماما انها تخف شوية على سارة.. بس طبعا من بعيد لبعيد علشان ماأزعلهاش.. زي اللي بيوصف لواحد ازاي يروح اسكندرية عن طريق أسوان
والله انا نفسى أرضي الطرفين بس مش عارف ازاي؟ لا.. ورد فعل ماما كان غريب جدا.. نظرت لي نظرة طويييييييلة وسابتني ومشيت
*******
قـالت سـارة:
بدأت خطوات الخطة الجهنمية اللولبية في شغل فراغ حماتي وكمان تهدئة نفسيتها الثائرة داااائما
أول حاجة اني دعوتها اننا نصلي جماعة انا وهي كل الفروض بعد ما كانت بتصلي وحدها.. في الأول اعترضت كالمعتاد بحجة انها لا تقدر على الوقوف الطويل فأحضرت لها كرسي صغير تصلي عليه.. وبدأت أوقظها لصلاة الفجر بعد أن كنت أتركها تنام.. وسبحان الله بعد عدة أيام من صلاتنا معا أنا وهى لانت معاملتها لي بعض الشيء.. وجعلنا لنا وردا يوميا من القرآن.. كيف يجمعنا الله خمس مرات يوميا ويفرقنا الشيطان؟
وتشجعت اني طلبت منها أن نذهب أنا وهي يوميا درس لتعليم التجويد فى المسجد المجاور بعد صلاة العصر.. وكنت أتوقع كلمتين فى العظم ورفض دون أسباب.. ولكن لدهشتي وجدتها وافقت بسهولة ووجدتها فرصة لتعلم شيء جديد والخروج أيضا.. وسبحان الله وجدتها عندما تقربت لله أكثر وشغلت وقتها أكثر.. أحبتني قليلا وتغيرت معاملتها لي فى أشياء كثيرة.. بل وبعد عدة أسابيع من انتظامنا فى درس التجويد يوميا.. وجدتها تدعو لي لأول مرة في حياتها
ولأول مرة اكتشفت الجانب الطيب فيها الذي كان مختبيء وراء عصبيتها وانتقادها لكل الناس.. وتحسنت علاقتي بها كثيرا.. لن أقول انها أصبحت مثل علاقة الام بابنتها ولكن على الأقل الجانب العدائي بيننا قل كثيرا وأصبحت أفتح لها قلبي وأحكي لها عن عملي بعد أن كان كل كلامنا عبارة عن قذاف نارية
بل وتهورت مرة واشتكيت لها من عصبية عمر فى موقف معين وظلمه لي.. حقيقة لم تقف ضد حبيب قلبها بالطبع كما كنت أطمع.. ولكن على الأقل لم تهاجمني زى زمان بأني متجوزة سيد الناس كلها.. ولكنها طيبت خاطري بكلمتين وهذا يكفيني
*******
قـال عمـر:
والله لو علمت كل امرأة على الأرض انها عندما ترضى أهل زوجها وبالأخص والديه أن حبها في قلبه سيتضاعف لانتهت كل مشاكل الكون
كل وقوف سارة بجواري وحنانها معي وعشرتها الطيبة وحبها لي كوم.. ورعايتها لأمي واهتمامها بها ومحاولة تغييرها واتقاءها الله فيها كووووم تاني
حب سارة فى قلبي تضاعف واحترامي لها أصبح لايوصف.. لابد أن أكافيء هذا الملاك الصابر.. نزلت اشتريت لها حلقا صغيرا ماسيا على شكل قلبين صغيرين.. وجريييييييييت على حبيبتي
وجدتها فى انتظاري جميلة كالمعتاد وحدها دون ماما ويحيى باشا.. وهتفت: وحشتيني ياحبيبتي.. ماما ويحيى فين؟
*******
قـالت سـارة:
رديت على عمر وقلت: وانت كمان وحشتنى ياحبيبى.. طنط ياسيدي عرّفتها على الحاجة فوزية اللي في الدور الخامس من كام يوم.. انت عارف هى كمان وحيدة بعد جواز ولادها.. واتصاحبوا على طول وبقت طنط بتاخد يحيى وبتطلعلها كل يوم تشرب معاها فنجان قهوة ويفتكروا أيام ما كان الرغيف ب 3 مليم
قال لي باسماً: قصدك ان ماما عجوزة.. صح؟ يامااااامااااا
فوضعت يدي على فمه قبل ان يفضحني وهتفت: بس ياعم.. انا ما صدقت انها ترضى عني شوية عاوز توقّع بنا ليه؟
فضحك وهو يقول: لا والله ده انا مش عارف أشكرك ازاي على معاملتك لماما بجد احترامي وحبي ليكي زاد.. انا جبت لك هدية يارب تعجبك
ففتحت العلبة ورأيت الحلق الرائع ولم أصدق انه ماس الا عندما أقسم لي عمر ولم أعرف ماذا أقول.. ولا كيف أشكره
ومن زماااااان سكتت شهرزاد عن الكلام المبااااااح
منقول