قـالت سـارة:
مشاعر كثيرة متضاربة تجتاحني
فرح وسعادة عارمة وخوف وقلق وتوتر وضوضاء جميلة تغمر كل مشاعري
لا أعرف ماذا أفعل ؟
كيف سأخبر عمر؟
وهل سيفرح؟ أكاد أطير من السعادة وارقص من النشوة وأخذت أجري في انحاء الشقة من فرط سعادتي
أريد ان افتح كل الشبابيك والابواب لأصرخ في الجميع ان الله أعطاني رزقا واسعا وجعلني أنثي مكتملة الانوثة
هبطتُ بقوة على الكرسي من كثرة حركاتي الجنونية كما أفعل دائما وأنا ألهث من السعادة.. وتذكرت اني لست وحدي الان بل يوجد من يشاركني جسدي ويقتسم خلاياي وأنفاسي معي ولابد من احترامه واعطاءه حقه بالكف عن هذه الحركات الصبيانية وهمست له: عفوا يا صغيري سأصبح اما حنونا لك من الان
أمسكت التليفون وطلبت أمي ولم تكد تسمع صوتي وهو يرقص من الفرحة وقبل ان اقول شيء صرخت هي: انتي حامل يا سارة مش كده؟
فرددت وانا أضحك: ايه ده هي الجزيرة لحقت ذاعتها ؟ عرفتي منين يا جميل ؟
ضحكت ماما وردت: الف الف مبروك.. هو انتي فاكرة اني مش بأحسب معاكي باليوم ولا ايه ؟ بس ما كنتش بأحب اوتّرك في حاجة مالكيش يد فيها.. الف الف مبروك يا حبيبتي
قلت: الله يبارك فيكي يا ماما
ماما طبعاً مانسيتش توصيني: بس خلي بالك من نفسك وبلاش حركات الجنان بتاعتك والجري والتنطيط ده.. خلاص اعقلي ياسارة ح تبقي أم
همستُ في سري انها لو شافت ماتش الجري بتاعي من لحظات كان أغمى عليها فورا.... طبعا طبعا ياماما ما تقلقيش
كمّلت الوصايا: وخلي بالك من أكلك وحركاتك ونومك.. الخ الخ الخ
وأخذت أمي تسرد وابلا من النصائح في شتي المجالات.. حتى نمت منها على السماعة
ان شاء الله لما أخلف ح أهري ابني نصايح علشان أخلّص تاري
ولكن للحق بعض النصائح النسائية الخاصة لم أكن أعلم عنها شيئا.. ده انا كنت ح أبهدل الدنيا.. ربنا يخليكي لي ياماما
وأجريت مكالمة مماثلة مع حماتي لأنها كانت زعلانة من اخر مرة أخبرتها بذوق الا تتدخل في شئوني الخاصة.. وللحق هي طارت من الفرحة وأسلوبها معي كان أسلوب أم بحق وأشعرتني بحنانها لأول مرة
وأنهيت المكالمة وأخذت أحضر الغداء وفكرت في طريقة أخبر عمر بها
فكرت طويلاً
وأخيرا وجدتها
***********************
جاء عمر واستقبلته بشكل طبيعي جدا وأنا أكاد أنطق له بالسر في كل لحظة.. ولكني تماسكت وأعددت الغداء في هدووووووووء وجلسنا عادي جدااااااااا وبدأ يأكل
لاحظ اني وضعت طبق وملعقة وشوكة اضافيين.. فسألني في دهشة: انتي مزودة طبق ثالث ليه؟ فيه حد جاي؟
فرددت في غموض: ايوة
عمر: طيب مش تقولي يا بنتي وسايباني اكل كده
أنا: لا مش مشكلة ماهو مش غريب
عمر: مين؟.. ماما ولا بابا ولا حد من أخواتك ؟
فرددت بهدوء يفرس: لأ
قال وقد نفذ صبره: هو احنا في رمضان ولا حاجة؟ ايه الفوازير دي؟ طيب نستنى ولا ناكل؟ انا ح اموت من الجوع
فرددت وانا أبتسم ابتسامة أودعتها كل أنوثتي: لا ياحبيبي كل انت بالهنا والشفا.. ماهو مش معقول أسيبك تستنى 9 شهور
فنظر الى بدهشة وعدم فهم في البداية
ثم نظر اليّ بعدم تصديق
وأخيييييرا نطق وهو غير مصدق: سارة انتي.. انتي.. حامل؟
فهززت رأسي بالايجاب وأنا أتوقع رد فعله ان يقفز من الفرح ويحملني و..و..و
ولكني فوجئت بآخر رد فعل كنت أتوقعه على الاطلاق
رأيت دموع في عينيه لأول مرة في حياتي
كانت أول مرة اراه يبكي
دموع غزيرة شاكرة مبتهلة.. لا أستطيع تصديق هذا أبدا.. كنت أعتقد ان الموضوع لا يشغله مثلي ولكن واضح انه كان يخفي انفعالاته كي لا يزيد همي.. يا حبيبي يا عمر
فقمت من مكاني واحتضنت رأسه وأخذت أمسح دموعه وأنا أقبل رأسه وأبكي انا الاخرى وأخيرا تمالك نفسه وابتسم وقال لي: خلاص بقى ايه الغم ده.. الف مبروك يا حبيبتي.. كده برضه مش تقوليلي من اول ما دخلت ولاّ تكلميني على الموبيل.. يا قلبك يا شيخة
فضحكت وانا أسأله: يعني فرحان يا حبيبي؟
رد عمر وقال: بجد احساسي لا يوصف.. ياه ده انا كنت قلقان بشكل وكنت أدعو الله ليلا ونهارا.. بس كنت مش بارضى أقولك علشان ما أزودش توترك.. يالاّ ياسارة قومي اتوضي ح نصلي صلاة شكر جماعة على الهبة العظيمة اللي ربنا وهبهالنا
وصلينا أنا وهو.. وأخذ يدعو وأنا أؤمن على دعاؤه وأرتجف في داخلي من دعاءه العميق المبلل بدموعه الشاكرة المبتهلة وهو يشكر الله على عطاؤه الكريم ويصفنا في الدعاء انا وهو لأول مرة بالأب والأم وليس بالزوج والزوجة.. ويسأل الله ان يحفظ لنا وليدنا ويشب في طاعة الله ولا يمسه الشيطان أبدا
فرغنا من الصلاة وجلسنا انا وهو على الأرض على سجادة الصلاة وكأننا لا نريد ان نخرج من روحانية الصلاة والدعاء
ورأيت عمر يتأملني بحب وهويهمس لي: الف مبروك يا حبيبة قلبي.. لو تعرفي غلاوتك زادت عندي ازاي ؟
قلت في سعادة: ياسيدي يا سيدي على الحنيّة.. ايه الهنا اللي انا فيه ده؟
عمر: لا والله صحيح.. دلوقتي انا حاسس ان انا وانتي بقينا عيلة بجد.. بس لازم ياسارة نشكر النعمة الكبيرة دي.. حاولي تحافظي على نفسك وبلاش الجري والتنطيط ده يامدام مفهوم ؟
أنا: يييييييييييييه انا سمعت الفيلم ده من ماما من شوية.. وايه كمان ؟
عمر: بصي يا قمر.. فيه حاجة مطلوبة منك طول فترة الحمل تعمليها علشان ابننا ان شاء الله يكون زي ما بنتمنى
أنا: ايه هيّ ؟
عمر: عاوزك يا ستي ما تسمّعيش ابني غير قرآن طول فترة الحمل.. انا قرأت كتير ان ده بيؤثر جدا على نفسية الجنين وبيخليه بعد كده متعلق جدا بالقران.. عاوزك طول مانتي فاضية تقرأي قرأن وبصوت مسموع علشان يشعر ويتأثر بيه.. عاوزك تختمي المصحف كل شهر لو قدرتي.. اتفقنا ؟
بهرني طلبه فأجبت بدون تردد: اتفقنا
أضاف قائلاً: وفيه حاجة كمان.. الحصالة بتاعتنا الخاصة بالصدقات.. من النهاردة سنضع للأستاذ فيها نصيب يومي.. مش برضه راجل ولا ايه؟
أنا: اه راجل طبع ده حاليا في حجم الزيتونة هو فيه حد قده.. ماشي ياسيدي فيه حاجة تاني؟
عمر: لا خلاص.. قومي بقي علشان أفسحك بالمناسبة السعيدة دي وأشتريلك هدية حلوة.. ولا ح تعملي لنا فيها حامل ودايخة والحوارات دي؟
أنا: لا ياعم.. حامل مين انت بتصدق؟.. حالبس في ثواني بس انت ماتغيرش رأيك ...حتوديني فين يا ابو العيال ؟
ضحك على اللقب وقال: المكان اللي تشاوري عليه يا أم عتريس.. بس الأول انا كنت ندرت ان لما ربنا يكرمنا بابننا ان اول مكان نروحه انا وانتي وهو يبقي للجامع.. موافقة نروح نصلي ركعتين ونطلع مبلغ صدقة لله ؟
أنا: طبعا موافقة جدا جدا جدا جدا
منقول وهذا للعلم